الأربعاء، 29 فبراير 2012

يراد منكم 8

أنا ذا ذاهب إلى العمل . .
إنه عمل غير عادي ، ليس بالنظر إلى نوعه الغريب فحسب ، بل أيضا لأن العامل يقضي فيه يومه دون أن يضمن له أي قدر من الربح . . أنا على علم أن كثيرا من الناس مجبرون على أعمال كهذه - تلك التي لا تضمن أي ربح - وهكذا هي حياة البشر ؛ لا أحد ينكر ذلك . . لكن من الأكيد أيضا ندرة من يعملون فيما أعمل . . .
لنمض مباشرة دون مزيد من الألغاز . . . 
أنا أعمل مراقبا ؛ أو بالأحرى " أنا مراقب " لو كان بوسع هذا التركيب أن يجيد التعبير عن المساحة من حياتي يشغلها هذا العمل . . نعم ؛ مراقب في العتمة حيث يختلط الجميع ولا يميز المرء أي شيء . . .
دوري إذن أن أراقب من قد تكون لي معهم فرصة انتفاع ، ثم أدعوهم لرؤية ما يمكن أن يكون من تعاون . . 
وإذ أنني أعمل في عالم العتمة ؛ فإني أنتظر أسهم الفجر كل دقيقة . . كل هذه الوجوه تبدو غامضة . . بحاجة أنا إلى الفجر لاستيضاحها . . وعلى الرغم من ذلك فمن المعلوم أن الفجر لن يأتي فإن الشمس قد ذهبت . . .
أشحذ ذهني نحو كل شيء مما يجري أمامي . . أتبع كل ومضة وأي شرارة . . لكني لا أرى شيئا . . وأحفظ انتباهي للجميع لدرجة أني أجد نفسي لا أنتبه لشيء . .
أحيانا أظن أن هؤلاء ممن حولي أنقياء ، وأني أرى الأشياء بوضوح . . وما إن أقترب قليلا حتى أجد فراغا صرفا ما لم أجد مكرا كامنا . . .
وأحيانا أخرى ؛ أنا حزين . . أقول لنفسي : إن هذه الأشباح ليست أقل عتمة من ظلمة ذاك الليل السرمدي . . . طفح الخبث من العيون والوجوه غير المقنعة . . من الجائز ألا يحاول أحدهم أن يزين الوجه إذا علم أن ما في النفس يبرز إلى العيان أكثر مما تظهر الزينة . . . 
إنك عندما تنتظر الفجر فإن الليل يصبح أطول ما كان . . . وعندما يصبح الليل سرمديا فإن العتمة تصير حاكمة المشهد . . وإن الشاشة - دون أن تنطفيء - لا تظلم أبدا إلا إذا أطفأ كل من خلفها الشموع المضيئة في قلوبهم .
أقر أني تعودت على الظلمة . . وأقر بنفس القدر أني لا أزال أنتظر الفجر . .
أرفع الرأس أنظر إلى ملاكي وأقول لحالي . . . ؛ " لحظة أجدني إلى جوار شمعتي هي خير لحظات حياتي على الإطلاق . . إنها حلمي المقدس . . .
أتعرف ملاكي ما هي شر لحظة ؟؟ إنها حين تشرق الشمس وتمر سهامها بجواري دون أن تمس مني شيئا . . . حينها فقط أشعر أني فارقت الحياة " . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق